أسباب أفول الدراسات العربية في إنجلترا عند أحد المستعربين

“كان الفرق الكبير بين ازدهار الدراسات العربية في إنجلترا في أربعينيات القرن السابع عشر وخمسينياته، ثم تراجعها السريع بعد عودة الملكية إلى درجة الندرة في منتصف القرن الثامن عشر، مما يدعونا إلى البحث عن أسباب هذا التراجع.

وقد ناقش هولت هذا الموضوع، ويمكننا أن نلخص حججه في السطور التالية. كانت فحوى حجج المقبلين على دراسة العربية في القرن السابع عشر أنهم كانوا يريدون تعزيز نصوص الكتاب المقدس، وأن العربية ضرورة ملحة لنشر النصرانية -وخاصة العقيدة البروتستانتية- في الأوطان الإسلامية، وأن العربية هي لغة الكثير من النصوص التي تنطوي على حكمة يجب الكشف عنها وفض مغاليقها؛ وذلك لفائدتها الكبرى في مجال الطب. وقد اكتشف العاملون على هذى الأهداف مع مرور الزمن، أنها لا تستحق كل هذه المعاناة، وأن قيمتها مبالغ فيها، وأنها عديمة القيمة في الأساس. أصبحت العربية بعد نشر القاموس متعدد اللغات كأنها لن تقدم جديدا يفيد دراسات نصوص الكتاب المقدس. أضف إلى ذلك أن اهتمامات علماء اللاهوت المسيحيين بعد عودة الملك تشارلز الثاني اتخذت وجهة جديدة، انتقلت من الاهتمام بالحِجاج حول التفاصيل الدقيقة والنصوص القصيرة إلى قضايا متصلة بالأخلاق واستعمال العقل. لقد صادفت الحملات البروتستانتية إخفاقا واضحا في الأراضي الإسلامية، وكان ذلك حقيقا بأن ينتهي بالمبشرين إلى الإحباط والكفر بفائدة معرفة اللغة العربية المتصلة بذلك كله. وأما فيما يتصل بالأمل في الحصول على معرفة من النصوص العلمية العربية، فإن مضمونها ما لبث أن أصبح قديما مع نهوض العلم التجريبي المنظم -وكانت بدايته في ظهور الجمعية الملكية للعلوم- في النصف الثاني من القرن السابع عشر”ØŒ 177.

Related posts

Leave a Comment